الفقيه معالج بالرقية Admin
عدد المساهمات : 1115 تاريخ التسجيل : 02/06/2009 العمر : 67
| موضوع: كتاب قواعد العقائد (ت) الخميس 9 ديسمبر 2010 - 13:20 | |
| [size=24]كتاب قواعد العقائد(ت)
فالقدرالذي يحويه ذلك الكتاب وجنسه من المصنفات هو الذي يرجى نفعه فأما الخارج منهفقسمان أحدهما
بحث عن غير قواعد العقائد كالبحث عن الاعتمادات وعن الأكوان وعن الإدراكاتوعن الخوض في الرؤية
هل لها ضد يسمى المنع أو العمى وإن كان فذلك واحد هو منع عنجميع ما لا يرى أو ثبت لكل مرئي يمكن
رؤيته منع بحسب عدده إلى غير ذلك من الترهاتالمضلات والقسم الثاني زيادة تقرير لتلك الأدلة في غير تلك
القواعد وزيادة أسئلةوأجوبة وذلك أيضا استقصاء لا يزيد إلا ضلالا وجهلا في حق من لم يقنعه ذلك
القدرفرب كلام يزيده الإطناب والتقرير غموضا ولو قال قائل البحث عن حكم الإدراكاتوالاعتمادات فيه فائدة
تشحيذ الخواطر والخاطر آلة الدين كالسيف آلة الجهاد فلا بأسبتشحيذه كان كقوله لعب الشطرنج يشحذ
الخاطر فهو من الدين أيضا وذلك هوس فإن الخاطريتشحذ بسائر علوم الشرع ولا يخاف فيها مضرة فقد
عرفت بهذا القدر المذموم والقدرالمحمود من الكلام والحال التي يذم فيها والحال التي يحمد فيها والشخص
الذي ينتفعبه والشخص الذي لا ينتفع به فإن قلت مهما اعترفت بالحاجة إليه في دفع المبتدعة والآنقد ثارت
البدع وعمت البلوى وأرهقت الحاجة فلا بد أن يصير القيام بهذا العلم منفروض الكفايات كالقيام بحراسة
الأموال وسائر الحقوق كالقضاء والولاية وغيرهما ومالم يشتغل العلماء بنشر ذلك والتدريس فيه والبحث
عنه لا يدوم ولو ترك بالكليةلاندرس وليس في مجرد الطباع كفاية لحل شبه المبتدعة ما لم يتعلم فينبغي أن
يكونالتدريس فيه والبحث عنه أيضا من فروض الكفايات بخلاف زمن الصحابة رضي الله عنهمفإن الحاجة ما
كانت ماسة إليه فاعلم أن الحق أنه لا بد في كل بلد من قائم بهذاالعلم مستقل يدفع شبه المبتدعة التي ثارت
في تلك البلدة وذلك يدوم بالتعليم ولكنليس من الصواب تدريسه على العموم كتدريس الفقه والتفسير فإن هذا
مثل الدواء والفقهمثل الغذاء وضرر الغذاء لا يحذر وضرر الدواء محذور لما ذكرنا فيه من أنواع
الضررفالعالم الذي ينبغي أن يخصص بتعليم هذا العلم من فيه ثلاث خصال إحداها التجرد للعلموالحرص
عليه فإن المحترف يمنعه الشغل عن الاستتمام وإزالة الشكوك إذا عرضت الثانيةالذكاء والفطنة والفصاحة
فإن البليد لا ينتفع بفهمه والفدم لا ينتفع بحجاجه فيخافعليه من ضرر الكلام ولا يرجى فيه نفعه الثالثة أن
يكون في طبعه الصلاح والديانةوالتقوى ولا تكون الشهوات غالبة عليه فإن الفاسق بأدنى شبهة ينخلع عن
الدين فإنذلك يحل عنه الحجر ويرفع للسد الذي بينه وبين الملاذ فلا يحرص على إزالة الشبهة بليغتنمها
ليتخلص من أعباء التكليف فيكون ما يفسده مثل هذا المتعلم أكثر مما يصلحهوإذا عرفت هذه الانقسامات
اتضح لك أن هذه الحجة المحمودة في الكلام إنما هي من جنسحجج القرآن من الكلمات اللطيفة المؤثرة في
القلوب المقنعة للنفوس دون التغلغل فيالتقسيمات والتدقيقات التي لا يفهمها أكثر الناس وإذا فهموها اعتقدوا
أنها شعوذةوصناعة تعلمها صاحبها للتلبيس فإذا قابله مثله في الصنعة قاومه وعرفت أن الشافعيوكافة
السلف إنما منعوا عن الخوض فيه والتجرد له لما فيه من الضرر الذي نبهنا عليهوأن ما نقل عن ابن عباس
رضي الله عنهما من مناظرة الخوارج وما نقل عن علي رضي اللهعنه من المناظرة في القدر وغيره كان
من الكلام الجلي الظاهر وفي محل الحاجة وذلكمحمود في كل حال نعم قد تختلف الأعصار في كثرة الحاجة
وقلتها فلا يبعد أن يختلفالحكم لذلك فهذا حكم العقيدة التي تعبد الخلق بها وحكم طريق النضال عنها
وحفظهافأما إزالة الشبهة وكشف الحقائق ومعرفة الأشياء على ما هي عليه وإدراك الأسرارالتي يترجمها
ظاهر ألفاظ هذه العقيدة فلا مفتاح له إلا المجاهدة وقمع الشهواتوالإقبال بالكلية على الله تعالى وملازمة
الفكر الصافي عن شوائب المجادلات وهيرحمة من الله عز وجل تفيض على من يتعرض لنفحاتها بقدر
الرزق وبحسب التعرض وبحسبقبول المحل وطهارة القلب وذلك البحر الذي لا يدرك غوره ولا يبلغ ساحله
مسألة فإن قلتهذا الكلام يشير إلى أن هذه العلوم لها ظواهر وأسرار وبعضها جلي يبدو أولا وبعضهاخفي
يتضح بالمجاهدة والرياضة والطلب الحثيث والفكر الصافي والسر الخالي عن كل شيءمن أشغال الدنيا
سوى المطلوب وهذا يكاد يكون مخالفا للشرع إذ ليس للشرع ظاهر وباطنوسر وعلن بل الظاهر والباطن
والسر والعلن واحد فيه فاعلم أن انقسام هذه العلوم إلىخفية وجلية لا ينكرها ذو بصيرة وإنما ينكرها
القاصرون الذي تلقفوا في أوائل الصباشيئا وجمدوا عليه فلم يكن لهم ترق إلى شأو العلاء ومقامات العلماء
والأولياء وذلكظاهر من أدلة الشرع قال صلى الله عليه وسلم إن للقرآن ظاهرا وباطنا وحدا ومطلعاحديث
إن للقرآن ظاهرا وباطنا الحديث أخرجه ابن حبان في صحيحه من حديث ابن مسعودبنحوه وقال علي رضي
الله عنه وأشار إلى صدره إن ههنا علوما جمة لو وجدت لها حملة وقالصلى الله عليه وسلم نحن معاشر
الأنبياء أمرنا أن نكلم الناس على قدر عقولهم حديثنحن معاشر الأنبياء أمرنا أن نكلم الناس على قدر
عقولهم الحديث تقدم في العلم وقالصلى الله عليه وسلم ما حدث أحد قوما بحديث لم تبلغه عقولهم إلا كان
فتنة عليهمحديث ما حدث أحد قوما بحديث لم تبلغه عقولهم الحديث تقدم في العلم وقال الله تعالىوتلك
الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون وقالصلى الله عليه وسلم إن منالعلم كهيئة المكنون لا يعلمه
إلا العالمون بالله تعالى حديث إن من العلم كهيئةالمكنون الحديث تقدم في العلم الحديث إلى آخره كما
أوردناه في كتاب العلم وقال صلىالله عليه وسلم لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا حديث لو
تعلمون ماأعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا أخرجاه من حديث عائشة وأنس فليت شعري إن لم يكنذلك سرا
منع من إفشائه لقصور الأفهام عن إدراكه أو لمعنى آخر فلم لم يذكره لهم ولاشك أنهم كانوا يصدقونه لو
ذكره لهم وقال ابن عباس رضي الله عنهما في قوله عز وجل اللهالذي خلق سبع سموات ومن الأرض مثلهن
يتنزل الأمر بينهن لو ذكرت تفسيره لرجمتمونيوفي لفظ آخر لقلتم إنه كافر وقال أبو هريرة رضي الله عنه
حفظت من رسول الله صلىالله عليه وسلم وعاءين أما أحدهما فبثثته وأما الآخر لو بثثته لقطع هذا
الحلقوموقال صلى الله عليه وسلم ما فضلكم أبو بكر بكثرة صيام ولا صلاة ولكن بسر وقر فيصدره حديث ما
فضلكم أبو بكر بكثرة صيام الحديث تقدم في العلم رضي الله عنه ولا شكفي أن ذلك السر كان متعلقا بقواعد
الدين غير خارج منها وما كان من قواعد الدين لميكن خافيا بظواهره على غيره وقال سهل التستري رضي
الله عنه للعالم ثلاثة علوم علمظاهر يبذله لأهل الظاهر وعلم باطن لا يسعه إظهاره إلا لأهله وعلم هو بينه
وبينالله تعالى لا يظهره لأحد وقال بعض العارفين إفشاء سر الربوبية كفر وقال بعضهمللربوبية سر لو أظهر
لبطلت النبوة وللنبوة سر لو كشف لبطل العلم وللعلماء بالله سرلو أظهروه لبطلت الأحكام وهذا القائل إن لم
يرد بذلك بطلان النبوة في حق الضعفاءلقصور فهمهم فما ذكره ليس بحق بل الصحيح أنه لا تناقص فيه وأن
الكامل من لا يطفي نورمعرفته نور ورعه وملاك الورع النبوة مسألة فإن قلت هذه الآيات والأخبار
يتطرقإليها تأويلات فبين لنا كيفية اختلاف الظاهر والباطن فإن الباطن إن كان مناقضاللظاهر ففيه إبطال
الشرع وهو قول من قال إن الحقيقة خلاف الشريعة وهو كفر لأنالشريعة عبارة عن الظاهر والحقيقة عبارة
عن الباطن وإن كان لا يناقضه ولا يخالفهفهو هو فيزول به الانقسام ولا يكون للشرع سر لا يفشى بل يكون
الخفي والجلي واحدفاعلم أن هذا السؤال يحرك خطبا عظيما وينجر إلى علوم المكاشفة ويخرج عن مقصود
علمالمعاملة وهو غرض هذه الكتب فإن العقائد التي ذكرناها من أعمال القلوب وقد تعبدنابتلقينها بالقبول
والتصديق بعقد القلب عليها لا بأن يتوصل إلى أن ينكشف لناحقائقها فإن ذلك لم يكلف به كافة الخلق ولولا
أنه من الأعمال لما أوردناه في هذاالكتاب ولولا أنه عمل ظاهر القلب لا عمل باطنه لما أوردناه في الشطر
الأول منالكتاب وإنما الكشف الحقيقي هو صفة سر القلب وباطنه ولكن إذا انجر الكلام إلىتحريك خيال في
مناقضة الظاهر للباطن فلا بد من كلام وجيز في حله فمن قال إنالحقيقة تخالف الشريعة أو الباطن يناقض
الظاهر فهو إلى الكفر أقرب منه إلى الإيمانبل الأسرار التي يختص بها المقربون بدركها ولا يشاركهم
الأكثرون في علمها ويمتنعونعن إفشائها إليهم ترجع إلى خمسة أقسام القسم الأول أن يكون الشيء في نفسه
دقيقاتكل أكثر الأفهام عن دركه فيختص بدركه الخواص وعليهم أن لا يفشوه إلى غير أهلهفيصير ذلك فتنة
عليهم حيث تقصر أفهامهم عن الدرك وإخفاء سر الروح وكف رسول اللهصلى الله عليه وسلم عن بيانه
حديث كف رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيان الروحأخرجه الشيخان من حديث ابن مسعود حين سأله
اليهود عن الروح قال فأمسك النبي صلىالله عليه وسلم فلم يرد عليهم شيئا الحديث من هذا القسم فإن حقيقته
بما تكلالأفهام عن دركه وتقصر الأوهام عن تصور كنهه ولا تظنن أن ذلك لم يكن مكشوفا لرسولالله صلى
الله عليه وسلم فإن من لم يعرف الروح فكأنه لم يعرف نفسه ومن لم يعرفنفسهفكيف يعرف ربه سبحانه ولا
يبعد أن يكون ذلك مكشوفا لبعض الأولياء والعلماء وإنلم يكونوا أنبياء ولكنهم يتأدبون بآداب الشرع
فيسكتون عما سكت عنه بل في صفات اللهعز وجل من الخفايا ما تقصر أفهام الجماهير عن دركه ولم يذكر
رسول الله صلى اللهعليه وسلم منها إلا الظواهر للأفهام من العلم والقدرة وغيرهما حتى فهمها الخلقبنوع
مناسبة توهموها إلى علمهم وقدرتهم إذ كان لهم من الأوصاف ما يسمى علما وقدرةفيتوهمون ذلك بنوع
مقايسة ولو ذكر من صفاته ما ليس للخلق مما يناسبه بعض المناسبةشيء لم يفهموه بل لذة الجماع إذا ذكرت
للصبي أو العنين لم يفهمها إلا بمناسبة إلىلذة المطعوم الذي يدركه ولا يكون ذلك فهما على التحقيق
والمخالفة بين علم الله تعالىوقدرته وعلم الخلق وقدرتهم أكثر من المخالفة بين لذة الجماع والأكل وبالجملة
فلايدرك الإنسان إلا نفسه وصفات نفسه مما هي حاضرة له في الحال أو مما كانت له من قبلثم بالمقايسة إليه
يفهم ذلك لغيره ثم قد يصدق بأن بينهما تفاوتا في الشرف والكمالفليس في قوة البشر إلا أن يثبت لله تعالى
ما هو ثابت لنفسه من الفعل والعلموالقدرة وغيرها من الصفات مع التصديق بأن ذلك أكمل وأشرف فيكون
معظم تحريمه على صفاتنفسه لا على ما اختص الرب تعالى به من الجلال ولذلك قال صلى الله عليه وسلم
لاأحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك حديث لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت علىنفسك أخرجه
مسلم من حديث عائشة أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلكفي سجوده وليس المعنى أني
أعجز عن التعبير عما أدركته بل هو اعتراف بالقصور عنإدراك كنه جلاله ولذلك قال بعضهم ما عرف الله
بالحقيقة سوى الله عز وجل وقالالصديق رضي الله عنه الحمد لله الذي لم يجعل للخلق سبيلا إلى معرفته إلا
بالعجز عنمعرفته ولنقبض عنان الكلام عن هذا النمط ولنرجع إلى الغرض وهو أن أحد الأقسام ما
تكلالأفهام عن إدراكه ومن جملته الروح ومن جملته بعض صفات الله تعالى ولعل الإشارةإلى مثله في قوله
صلى الله عليه وسلم إن لله سبحانه وتعالى سبعين حجابا من نور لوكشفها لأحرقت سبحات وجهه كل من
أدركه بصره حديث إن لله سبعين حجابا من نور لوكشفها لأحرقت سبحات وجهه ما أدركه بصره أخرجه أبو
الشيخ ابن حبان في كتاب العظمةمن حديث أبي هريرة بين الله وبين الملائكة الذين حول العرش سبعون
حجابا من نوروإسناده ضعيف وفيه أيضا من حديث أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لجبريلهل
ترى ربك قال إن بيني وبينه سبعين حجابا من نور وفي الأكبر للطبراني من حديث سهلبن سعد دون الله
تعالى ألف حجاب من نور وظلمة ولمسلم من حديث أبي موسى حجابه النورلو كشفه لأحرقت سبحات وجهه
ما انتهى إليه بصره من خلقه ولابن ماجه شيء أدركه بصرهالقسم الثاني من الخفيات التي تمتنع الأنبياء
والصديقون عن ذكرها ما هو مفهوم فينفسه لا يكل الفهم عنه لكن ذكره يضر بأكثر المستمعين ولا يضر
بالأنبياء والصديقينوسر القدر الذي منع أهل العلم من إفشائه من هذا القسم فلا يبعد أن يكون ذكر
بعضالحقائق مضرا ببعض الخلق كما يضر نور الشمس بأبصار الخفافيش وكما تضر رياح الوردبالجعل
وكيف يبعد هذا وقولنا إن الكفر والزنا والمعاصي والشرور كله بقضاء اللهتعالى وإرادته ومشيئته حق في
نفسه وقد أضر سماعه بقوله إذ أوهم ذلك عندهم أنهدلالة على السفه ونقيض الحكمة والرضا بالقبيح والظلم
وقد ألحد ابن الراوندي وطائفةمن المخذولين بمثل ذلك وكذلك سر القدر لو أفشى لأوهم عند أكثر الخلق
عجزا إذ تقصرأفهامهم عن إدراك ما يزيل ذلك الوهم عنهم ولو قال قائل إن القيامة لو ذكر ميقاتهاوأنها بعد
ألف سنة أو أكثر أو أقل لكان مفهوما ولكن لم يذكر لمصلحة العباد وخوفامن الضرر فلعل المدة إليها بعيدة
فيطول الأمد وإذا استبطأت النفوس وقت العقاب قلاكتراثها ولعلها كانت قريبة في علم الله سبحانه ولو
ذكرت لعظم الخوف وأعرض الناسعن الأعمال وخربت الدنيا فهذا المعنى لو اتجه وصح فيكون مثالا لهذا
القسمالقسمالثالث أن يكون الشيء بحيث لو ذكر صريحا لفهم ولم يكن فيه ضرر ولكن يكنى عنه علىسبيل
الاستعارة والرمز ليكون وقعه في قلب المستمع أغلب وله مصلحة في أن يعظم وقتذلك الأمر في قلبه كما لو
قال قائل رأيت فلانا يقلد الدر في أعناق الخنازير فكنىبه عن إفشاء العلم وبث الحكمة إلى غير أهلها
فالمستمع قد يسبق إلى فهمه ظاهر اللفظوالمحقق إذا نظر وعلم أن ذلك الإنسان لم يكن معه در ولا كان في
موضعه خنزير تفطنلدرك السر والباطن فيتفاوت الناس في ذلك ومن هذا قال الشاعر رجلان خياط وآخر
حائكمتقابلان على السماك الأعزل لا زال ينسج ذاك خرقة مدبر ويخيط صاحبه ثياب المقبلفإنه عبر عن سبب
سماوي في الإقبال والإدبار برجلين صانعين وهذا النوع يرجع إلىالتعبير عن المعنى بالصورة التي تتضمن
عين المعنى أو مثله ومنه قوله صلى الله عليهوسلم إن المسجد لينزوي من النخامة كما تنزوي الجلدة على
النار حديث إن المسجد لينزويمن النخامة الحديث لم أجد له أصلا وأنت ترى أن ساحة المسجد لا تنقبض
بالنخامةومعناه أن روح المسجد كونه معظما ورمى النخامة فهو تحقير له فيضاد معنى المسجديةمضادة النار
لاتصال أجزاء الجلدة وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم أما يخشى الذييرفع رأسه قبل الإمام أن يحول رأسه
رأس حمار حديث أما يخشى الذي يرفع رأسه قبلالإمام الحديث أخرجاه من حديث أبي هريرة وذلك من حيث
الصورة لم يكن قط ولا يكونولكن من حيث المعنى هو كائن إذ رأس الحمار لم يكن بحقيقته لكونه وشكله بل
بخاصيتهوهي البلادة والحمق ومن رفع رأسه قبل الإمام فقد صار رأسه رأس حمار في معنىالبلادة والحمق
وهو المقصود دون الشكل الذي هو قالب المعنى إذ من غاية الحمق أنيجمع بين الاقتداء وبين التقدم فإنهما
متناقضان وإنما يعرف أن هذا السر على خلافالظاهر إما بدليل عقلي أو شرعي)
| |
|