[size=25]هل فعلا جهلنا بالحقيقة يحمينا من الألم؟


[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]


هل
تؤمنين بالاعتقاد السائد بين الناس حول أن إخفاء الحقيقة في بعض الأحيان
يساعد على حماية بعض الأشخاص من الألم الذي كانوا سيشعرون به لو عرفوا ما
خفي عنهم؟

أم
أن إخفاء الحقيقة سيؤلمك أيضا، ولكن بشكل مختلف، حيث ستنتابك الهواجس
والأفكار السوداء، وتسبب لك الارتباك والتخبط في كل الاتجاهات دون أن تجدي
شاطئا من الحقيقة لترسو سفينتك عليه؟!

الآراء
ستختلف بالتأكيد في هذا الموضوع، فالبعض يرى أن المعرفة قوة، سواء كانت
إيجابية أو سلبية، لأن أكثر الأحاسيس إحباطا هو أن يشعر الإنسان أن الجميع
قد تركوه بمفرده يتخبط في الظلام، بينما هو يستحق بعض الضوء لينير له
الطريق، حتى لو كان بزوغ الضوء بشكل مفاجيء وساطع سيؤذي عينيه في البداية.

لكن
البعض الآخر يرى السلامة في الهروب من معرفة الحقائق التي قد تسبب لنا
القلق، أو تحملنا نوعا من المسئولية فوق طاقتنا، وبالتالي فالجهل بها
سيجعلنا أكثر سعادة.

وفي
بعض الأحيان ينصب الكبار أنفسهم أوصياء علينا، فيخفون عنا بعض الحقائق،
أو يخبرونا بحقيقة ناقصة، لحمايتنا من مواجهة الواقع المؤلم. أبسط مثال
على ذلك ما كان يحدث ونحن صغار إذا توفت الجدة، تجد الأب والأم يصرون على
إرسال الأبناء لمنزل بعض الأقارب لحين الانتهاء من كل المراسم، وعندما
يعود الأبناء يخبرونهم أن المتوفى قد سافر لمكان بعيد، ويظلون على تمسكهم
بالقصة نفسها لفترة طويلة قد تصل لأكثر من عام، إلى أن تنكشف الحقيقة في
أحيان كثيرة بالصدفة!

ولكن
حتى لو كان إخفاء الحقيقة في بعض الأحيان بهدف حمايتنا، فهذا لا يمنع أنه
يحرمنا من حقنا الطبيعي في أن نعرف، في حقنا أن نحزن أو أن نقلق أو نتحمل
المسئولية. وفي حالة المراهقين بالذات يكون اكتشاف مثل هذه الحقائق
المخفية مدمرا لنفسية المراهق، لأنه يؤكد له أن الكبار مازالوا يتعاملون
معه كطفل لا يستحق أن يعرف أو يشارك فيما يحدث من حوله. وهذا يؤدي بالطبع
لمزيد من الحزن والألم، وقد يدفع المراهق أو المراهقة للنقمة على الوالدين
أو الأهل، والانعزال عنهم أو التعامل معهم بعدائية. وتكون الطامة أكبر
إذا تعلق الأمر بالمراهق نفسه، وكانت الحقيقة المخفية تخصه، كمرض مزمن
مصاب به منذ الطفولة، ولا يعرف أن الفيتامينات والمقويات التي تحرص الأم
على تقديمها له يوميا ليست إلا دواء تتوقف عليه حياته، أو أن تكون هناك
حقيقة درامية تتعلق بحقيقة نسب الابن للأسرة، وأنه متبنى وليس ابنا حقيقيا
لأمه وأبيه!

مثل
هذه الحقائق قد تكون قاسية إذا تم إعلانها، لكن من يخفيها يتجاهل حقيقة
أخرى مهمة، وهي أن "الكذب ليس له قدمين" أي أنه سينكشف يوما ما لا محالة،
وهنا سيكون الألم أكبر والصدمة أشد، ولن يكون هناك مفر من مواجهة غضب
وثورة الشخص الذي تم إخفاء الحقيقة عنه، وقد تنهار العلاقات الأسرية بسبب
حقائق لم يتم إعلانها في الوقت المناسب تجنبا للمشاكل.

لكن
في النهاية يجب أن نوصيك بإعمال عقلك والتفكير بحكمة إذا حدث موقف أكتشفت
فيه حقيقة أخفاها الكبار أو أقرب الأصدقاء عنك، وقدري الموقف بشكل صحيح،
واعلمي أن من فعل ذلك كان دافعه الوحيد هو حبه لك وخوفه عليك من الصدمة
والألم، لذا لا تكوني قاسية في مواجهته وعتابه، فقد يدور الزمن وتجدي نفسك
في أحد الأيام في موقف تضطرين فيه لإخفاء الحقيقة عن المقربين لك حماية
لهم، وعندها ستتمنين لو يلتمسوا لك العذر عندما يعرفون ما أخفيته عنهم،
ويدركوا تماما مدى حسن نيتك.